يوتيوب، كواحد من أبرز منصات التواصل الاجتماعي ومشاركة الفيديو عبر الإنترنت، لعب دوراً هاماً في تسليط الضوء على الأحداث والمعاناة التي يواجهها الفلسطينيون خلال الحروب على قطاع غزة. ويعتبر تأثير يوتيوب على الحقوق الرقميّة للفلسطينيّين خلال الحرب على غزة هاماً.
من خلال فيديوهات المواطنين والصحفيين المستقلين، تمكّن يوتيوب من توثيق الانتهاكات الحقوقية والمدنية التي تتعرض لها السكان المدنيون في غزة، ونقلها للعالم بشكل فوري ومباشر. ومع ذلك، تعتري هذه الوسيلة تحديات تتمثل في سياسات الرقابة والتدخل التي تفرضها بعض الحكومات أو الجهات المعنية، مما يؤثر على حرية التعبير ويقيّد قدرة الفلسطينيين على نقل وتوثيق الأحداث بشكل كامل وشفاف. بالإضافة إلى ذلك، تواجه الفيديوهات الفلسطينية على يوتيوب خطر الإزالة أو الحجب، سواء بسبب انتهاكها لسياسات المنصة أو بسبب ضغوط سياسية خارجية. وبالتالي، يبقى تأثير يوتيوب على الحقوق الرقمية للفلسطينيين خلال الحروب على غزة مزيجاً من الفرص والتحديات، حيث يمثل وسيلة هامة لنقل الصوت والصورة، وفي الوقت نفسه يجب أن يتعامل معها بحذر نظراً للتداخلات السياسية والتقييدات التي قد تعوق تحقيق الشفافية وحرية التعبير.
المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي ورقة موقف بعنوان “تأثير يوتيوب على الحقوق الرقميّة للفلسطينيّين خلال الحرب على غزة”، تناولت الورقة سياسات يوتيوب وممارساتها التمييزيّة، ومدى امتثالها للقانون الدولي لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى بذل العناية الواجبة لمراعاة حقوق الإنسان، وتأثيرها على الحقوق الرقمية للفلسطينيين/ات في أعقاب الحرب على غزة.
تقدم الورقة تقييماً لمعايير وممارسات يوتيوب الإعلانية ومدى توافقها مع حقوق الإنسان الدولية، من خلال تحليلٍ عميق للدعاية الحربية التي ظهرت كحملة دعائية لوزارة الخارجية الإسرائيلية بهدف حثّ المشاهدين/ات على مناصرة إسرائيل في حربها على غزة، وتحليل التحيّز في الإشراف على المحتوى والممارسات التمييزيّة مثل إبطال الصفة النقدية أو تلقي تحذيراً بالحظر لعدد كبير جداً من صنّاع وصانعات المحتوى بسبب انتقادهم/هن لما تفعله إسرائيل في غزة.
خلصت الورقة إلى أن الإخفاق في إدارة المحتوى أدى إلى نشر محتوى تصويريّ إشكاليّ بصيغة محتوي إعلانيّ زاد من التحريض على الكراهيّة والعنف تجاه الفلسطينيّين/ات، وأن ممارسات المنصة المستمرة لإبطال الصفة النقدية للمحتويات الناقدة لما تفعله إسرائيل في غزة تدل على أن مبادىء يوتيوب التوجيهية للمجتمع لا تحمي حرية التعبير وتعيق مشاركة معلومات بخصوص حياة الفلسطينيين/ات.
تقدم الورقة مجموعة من التوصيات الموجهة إلى يوتيوب، من أهمها التوصية بالالتزام بشروط الخدمة بدون تمييز، وإضافة معلومات حول الدول التي استهدفتها الإعلانات العنيفة التي أطلقتها وزارة الخارجية الإسرائيلية والاحتفاظ بالإعلانات المحذوفة في مركز شفافيّة المعلومات الخاص بيوتيوب، ونشر تقارير شفافية مفصلة حول حالات خرق المبادئ التوجيهيّة للمجتمع وحذف المحتويات وأسباب إبطال الصفة النقديّة، بالإضافة إلى السماح للفلسطينيين/ات بجني الأرباح من محتواهم/هن المنشور على يوتيوب.