مع مرور الوقت، أصبحت إدارة الأموال وتوجيهها أمرًا حيويًا لضمان الاستقرار المالي وتحقيق الأهداف المالية المستقبلية. إذ تعتبر القدرة على التفكير بعناية في كيفية إدارة الدخل والتخطيط للمستقبل أمرًا حاسمًا لتحقيق النجاح المالي. يتضمن هذا التفكير الاستحواذ على مفاهيم مثل الادخار والاستثمار، اللذين يمثلان عمودين أساسيين في بناء استراتيجية مالية قوية. سنبحث في هذا المقال عن أهمية كل من الادخار والاستثمار ونقارن بينهما، وكيف يمكن لكل منهما أن يلعب دورًا حيويًا في تحقيق الأهداف المالية الشخصية والمهنية للأفراد.
الاقتصاد الشخصي يعتمد على توجيه الدخل بطريقة تسمح بتحقيق الأهداف المالية على المدى القصير والطويل. الادخار يمثل جزءاً هاماً من هذه العملية، حيث يتمثل في الحفاظ على جزء من الدخل دون استهلاكه فوراً، ويتم إيداعه عادة في حسابات بنكية جارية، أو يُستثمر في الأدوات المالية للحفاظ على القيمة على المدى القصير. يعتبر الادخار أيضاً وسيلة لتأمين السيولة لتلبية احتياجات مالية مفاجئة مثل تمويل مصاريف السفر، شراء الأثاث، اجراء طبي مفاجئ أو غيرها من الاحتياجات على المدى القصير.
أما الاستثمار، فيركز على توجيه جزء من الدخل للأصول التي من شأنها زيادة قيمتها على المدى الطويل. يشمل ذلك الاستثمار في الأملاك العقارية، الأسهم، حصص الشركات، وغيرها من الأصول التي يتوقع أن تحقق عوائد مالية مستدامة على المدى الطويل. يهدف الاستثمار إلى تحقيق أهداف مالية طويلة الأجل مثل التقاعد، تعليم الأطفال، شراء المسكن، وغيرها، من خلال زيادة قيمة الادخار وتحقيق مداخيل إضافية على المدى الطويل.
الاستثمار على المدى الطويل يعزز العائد المالي بشكل كبير، إذ يسمح بتكاثر رأس المال مع مرور الوقت. ومع ذلك، يجب أن يكون المستثمر على دراية بالمخاطر المحتملة، فقد يشهد سوق الأسهم تقلبات غير متوقعة في أي وقت، ويمكن أن تتسبب سحب الأموال بسرعة في فرض غرامات على المستثمر، خاصة في الصناديق الاستثمارية.
من جهة أخرى، يتيح الادخار الوصول الفوري للأموال عند الحاجة دون الحاجة لدفع أي غرامات. وبالإضافة إلى ذلك، يُعتبر الادخار خيارًا آمنًا للتوفير، حيث لا تتعرض الأموال لمخاطر تقلبات الأسواق. ومع ذلك، يجب على الفرد أن يدرك أن الادخار لا يحقق عوائد كبيرة ومربحة مثل الاستثمار، حيث يمكن للمبالغ المودعة في الادخار البقاء ثابتة أو ان تتأثر بشكل ضئيل بسبب الفوائد المحدودة المقدمة عليها.
ايهما أفضل الاستثمار ام الادخار؟
إذا كان لدى الشخص ميزانية مالية ضيقة ولا يمتلك فائضاً يغطي نفقاته الثابتة لفترة تتراوح بين ثلاثة إلى ستة أشهر، فمن الأفضل بالنسبة له أن يدخر أمواله ولا يستثمر فيها ويعتمد عادة الادخار. هذا يعني تخزين جزء من دخله بانتظام، بحيث يكون قادراً على التعامل مع النفقات المفاجئة دون الحاجة إلى الاقتراض أو تحمل الديون. إذا كانت لدى الشخص أهداف مالية قصيرة الأجل مثل خطط السفر أو مصروفات أخرى تحتاج إلى تمويل فوري دون تأخير أو غرامات، فإن الادخار يمثل الخيار الأمثل.
أما إذا كانت أهدافه المالية طويلة الأجل، وكان لديه فائض من المال وهو مستعداً لتحمل المخاطر المرتبطة بالاستثمار، وكان على استعداد للالتزام بالاستثمار لفترة زمنية طويلة دون الحاجة الماسة إلى الأموال، فيجب عليه التفكير في الاستثمار كوسيلة لزيادة قيمة أمواله على المدى الطويل.