حالة الطرق والحواجز في الضفة الغربية: منصة فلسطينية تُنهي فوضى التيليجرام

في الضفة الغربية، لا يُعد التنقل بين المدن مجرد رحلة عادية، بل تحدٍ يومي يواجهه آلاف الفلسطينيين بسبب الحواجز العسكرية. غياب مصدر موثوق لمعرفة حالة الطرق في الضفة الغربية يزيد من المعاناة ويؤخر الكثير من الخطط. من هذا الواقع، وُلِدت مبادرة تقنية مبتكرة تسعى لتقديم الحل عبر الذكاء الاصطناعي، لتجعل الوصول إلى المعلومة أسرع وأكثر دقة من أي وقت مضى.

الطرق والحواجز في الضفة الغربية: واقع مؤلم يدفع للإبتكار

في الضفة الغربية، يواجه الفلسطينيون معاناة يومية أثناء تنقّلهم بين المدن بسبب الحواجز العسكرية الإسرائيلية، حيث يصبح عبور حاجز مغلق مسألة وقت قد يستنزف ساعات من يومهم. في ظل غياب مصدر موثوق ومباشر لمعرفة حالة الطرق في الضفة الغربية، يلجأ الكثيرون إلى مجموعات تيليجرام، يتنقلون بين عشرات الرسائل غير المنظمة بحثًا عن معلومة مؤكدة حول حالة الطرق في الضفة الغربية.

من هذا الواقع، برزت مبادرة شاب فلسطيني طموح يدعى مصعب نعيرات، شاركه في تطويرها زميله أحمد غريب، حيث قاما بإطلاق موقع إلكتروني يستخدم الذكاء الاصطناعي لمتابعة أخبار المعابر في الضفة وتحليلها بدقة وموثوقية، تحت اسم “ع وين رايح؟”.

وقد أجرت مجلة لكُم مقابلة حصرية مع مصعب لتسليط الضوء على تجربته، ورؤيته لهذا المشروع.

البدايات: من الجامعة إلى العمل المجتمعي

يقول مصعب: “بعد جائحة كورونا بدأت أشارك بأنشطة مختلفة في الجامعة، أسّست نادي قراءة وشارك فيه أكثر من خمسين طالبًا. هذه التجارب علمتني كيف أنظّم فعاليات وأتفاعل مع الناس. بعد التخرج بدأت أعمل على نفسي أكثر، أقرأ وأتعلّم، حتى وصلتني فكرة هذا المشروع من منشور كتبته على لينكدإن”. ويضيف: “من هنا بدأت قصتي مع الأنشطة المجتمعية، التي انطلقت من مبادرات بسيطة في الجامعة، وتطورت إلى مشاركة أفكار ومبادرات عبر لينكدإن، كان آخرها هذا الموقع الذي يسعى لحل مشكلة يومية نعيشها جميعًا”..

كيف وُلدت الفكرة؟

يوضح مصعب: “الفكرة نبعت من واقع نعيشه جميعًا. نحن كطلاب ومواطنين نستخدم تيليجرام يوميًا لمتابعة حالة الطرق في الضفة الغربية. نتنقل بين الرسائل، نأخذ لقطة شاشة، ونسأل: هل المعبر مفتوح؟ ففكرت أن أستغل واجهة برمجة التطبيقات (API) لتليجرام لجمع البيانات وتحليلها، بحيث يتم تصفية المعلومات وتقديمها بشكل منظّم وواضح في موقع واحد”.

التعاون مع أحمد غريب

عن شريكه في تطوير المنصة، قال مصعب: “نشرت منشورًا على لينكدإن أبحث فيه عن شخص مهتم بالمشروع. تواصل معي ثلاثة، أحدهم كان أحمد غريب، الذي لم ألتق به شخصيًا حتى الآن، لكن بيننا تفاهم كبير وتكامل واضح في المهارات. هو يركّز على التوثيق واتقان الميزات التي يجب ان تكون موجودة في الموقع ، بينما أنا أميل للتجربة والتوسيع، وبهذا كان بيننا انسجام مهم ساهم بنجاحنا”.

كيف تعمل المنصة تقنيًا؟

“نقوم بسحب الرسائل من مجموعة واحدة حاليًا على تيليجرام كل 15 ثانية خلال أوقات الذروة، ويتم ارسالها إلى الموقع حيث يتم تحليلها من خلال نموذج ذكي يقوم باستخلاص اسم الحاجز ووضعه للداخل والخارج. ثم تُخزن النتائج في قاعدة بيانات، ليقوم الموقع لاحقًا بعرضها بشكل بصري وملوّن”، يشرح مصعب.

ويضيف: “حتى الآن لا يوجد نظام تحقق نهائي للمعلومة، ولكن نعتمد على مساهمات الناس وتكرار المعلومة من أكثر من مصدر في المستقبل يمكننا تطوير نظام تحقق أكثر دقة”.

انطلاقة ناجحة

“منذ اطلاق المنصة قبل اسبوعين، وخلال أول 48 ساعة فقط، استقبلنا أكثر من 2500 زيارة. نشرته فقط على لينكدإن والواتساب، وبدأ الناس يتفاعلون معه مباشرة”.

التحديات التي واجهوها

“التحدي الأكبر هو أن الموقع يعتمد على استمرار الناس في التفاعل على المجموعات، فإذا توقفوا عن التحديثات، يفقد الموقع مصدر معلوماته. نحاول أن يكون الموقع بسيطًا وسهلًا بحيث يشعر الناس أنه يستحق أن يشاركوا المعلومة عليه أيضًا، لا أن يكتفوا بالاستهلاك فقط”.

ما الخطط المستقبلية؟

“النية في البداية كانت مجرد تجربة شخصية، لكن النجاح الذي حققناه يجعلنا نفكر بتوسيع الفكرة. ربما نحول المنصة إلى تطبيق في المستقبل. كما أن فكرة نشر الكود على GitHub موجودة، حتى يتعاون معنا مبرمجون آخرون في تطوير المنصة وإضافة خصائص جديدة مثل الخريطة”.

رسالة مصعب للمبرمجين والشباب

“أنا أتمنى أن يسعى المبرمجون لحل مشاكل مجتمعية. هناك الكثير من التحديات التي يمكن أن نواجهها بحلول بسيطة وفعّالة، والتجربة هذه علمتني أن حل مشكلة واحدة صغيرة قد يكون له أثر كبير على حياة الناس”.

ختامًا، تبقى مبادرة “ع وين رايح؟” خير مثال على استخدام التقنية في خدمة المجتمع. شابان اجتمعا على هدف مشترك، فحوّلا تجربة يومية مرهقة إلى فرصة للابتكار، بأسلوب بسيط وفعّال.

ولمعرفة حالة الطرق في الضفة الغربية قم بزيارة موقع ع وين رايح؟