!كل من تعرفه مسوّق، حتى أنت
على مدار العقد الماضي، تكيف المسوقون مع حقبة جديدة من التفاعل العميق مع العملاء. أضافوا وظائف جديدة مثل إدارة وسائل التواصل الاجتماعي، وقاموا بتعديل العمليات لدمج الحملات الإعلانية عبر الإنترنت والتلفزيون والصحف بشكل أفضل، كما عززوا فرق العمل بخبراء في الويب لإدارة الانفجار الهائل في بيانات العملاء الرقمية. ومع ذلك، من وجهة نظرنا، هذا ليس كافيًا. لتحقيق تفاعل حقيقي مع العملاء، حيث أصبحت الإعلانات “الدافعة” أقل أهمية، يجب على الشركات أن تبذل جهودًا خارج حدود أقسام التسويق التقليدية.
في نهاية المطاف، لم يعد العملاء يفرقون بين التسويق والمنتج – بل أصبح التسويق هو المنتج. ولا يفرقون بين التسويق وتجربة الشراء سواء في المتجر أو عبر الإنترنت – بل أصبح التسويق هو التجربة. في عصر التفاعل، التسويق هو الشركة بأكملها.
هذا التحول يطرح تحديًا واضحًا: إذا كان الجميع مسؤولاً عن التسويق، فمن يتحمل المسؤولية؟ وما الذي يعنيه هذا الواقع الجديد بالنسبة لبنية ووظيفة قسم التسويق؟ هذا التحدي يشبه التحديات التي ظهرت في بدايات حركة تحسين الجودة قبل أن تصبح جزءًا لا يتجزأ من الإدارة العامة.
للخروج من هذا المأزق، يجب على الشركات أن تدرك أن الجميع مسؤولون عن التسويق، مع فرض آليات للمساءلة من خلال بناء علاقات جديدة بين قسم التسويق وبقية المؤسسة. بعبارة أخرى، يجب أن تصبح الشركات آليات تسويقية، بينما يتحول قسم التسويق ليصبح محرك التفاعل مع العملاء، المسؤول عن تحديد الأولويات وإدارة الحوار داخل الشركة لتصميم وبناء وتشغيل وتجديد أساليب التفاعل مع العملاء.
التطور في التفاعل
في السنوات الأخيرة، شهدنا تحولًا متسارعًا في كيفية تفاعل العملاء مع الشركات. أصبح العملاء أكثر اعتمادًا على الشبكات الاجتماعية والمدونات ومنصات المراجعات عبر الإنترنت للحصول على توصيات ومعلومات حول العلامات التجارية التي تظهر اهتمامًا حقيقيًا ببناء علاقة معهم. حتى أن بعض العملاء بدأوا في إنشاء إعلاناتهم الخاصة على منصات مثل YouTube.
المشكلة التي تواجه العديد من الشركات هي أن الممارسات التقليدية للتسويق القائم على الإعلانات الدافعة أصبحت عقبة في طريق التفاعل مع العملاء. الكثير من نقاط التفاعل، مثل مراكز خدمة العملاء أو تفاعل فريق المبيعات مع العملاء، تقع خارج قسم التسويق التقليدي. والنتيجة؟ غياب استراتيجية شاملة للتفاعل مع العملاء عبر هذه النقاط، مما يؤدي إلى تنفيذ عشوائي وقياسات غير فعّالة.
التسويق المتغلغل
لتتمكن الشركات من التفاعل مع العملاء في أي وقت وأي مكان – سواء داخل المتجر أو عبر الهاتف أو الإنترنت – يجب أن يتغلغل التسويق في كافة أقسام الشركة. بعض الشركات، مثل “ستاربكس” و”زابوس”، نجحت منذ البداية في جعل التفاعل ميزة تنافسية رئيسية. لكن التركيز هنا هو على الشركات التي تسعى الآن لتحقيق تفاعل عالمي المستوى.
التصميم
تصميم استراتيجية تفاعل ناجحة يعتمد على فهم كيفية تفاعل العملاء مع الشركة خلال رحلتهم الشرائية. قد يشمل التفاعل المنتج ذاته، أو الخدمة، أو التسويق، أو المبيعات، أو حتى العلاقات العامة. مثال على ذلك هو مجموعة فنادق “ستاروود” التي درست بيانات العملاء بدقة وحددت مجموعات ديموغرافية واضحة لعملائها. بناءً على ذلك، أعادت الشركة تصميم تجربة العملاء بالكامل لتناسب كل علامة من علاماتها التجارية.
البناء
بمجرد تصميم تجربة التفاعل، يجب أن تملك الشركة القدرات التنظيمية اللازمة لتنفيذها، مثل تعزيز فرق العمل أو بناء بنية تحتية رقمية أو إعادة هيكلة العمليات. في كثير من الأحيان، يتطلب ذلك تعاونًا بين أقسام بعيدة عن التسويق، مما قد يستلزم تدريب الأقسام الأخرى على مهارات تسويقية.
التشغيل والتجديد
أخيرًا، تحتاج الشركات إلى آليات تشغيلية مرنة وقادرة على الاستجابة السريعة لمتطلبات العملاء المتغيرة. الشركات الناجحة في هذا المجال مثل “بيبسيكو” تبنت أدوارًا جديدة مثل مسؤول الرقمنة الرئيسي لتنسيق وتوجيه الجهود الرقمية على مستوى العالم.
في النهاية، نجاح الشركات في عصر التفاعل يعتمد على قدرتها على دمج التسويق في كل جوانب عملياتها، مما يجعل التفاعل مع العملاء جزءًا لا يتجزأ من هوية الشركة.
!كل من تعرفه مسوّق، حتى أنت
