العلاقات — وليس الأفكار أو رأس المال أو حتى التوقيت — هي العامل الحاسم في تحقيق النجاح.
هذا درس لا يمكن لأي جدول بيانات أن يعلّمه، ولا لأي عرض تقديمي أن ينقله بالكامل. لكنه العنصر الذي يجب على كل مؤسس، ومدير تنفيذي، ومستثمر، وشريك أن يستوعبه إذا أراد بناء شيء يدوم.
فيما يلي خمس حقائق غير مفلترة، مستخلصة من تجارب شخصية، بين نجاحات وفشل وإفلاسات:
1. الشراكات السيئة أكثر تكلفة من المنتجات السيئة
المنتج السيئ يمكن إصلاحه. أما الشريك غير المتوافق، فهو بمثابة خلل داخلي مزمن.
في حالة سابقة، تأسست شركة بفرص واعدة وأرقام قوية، لكن الخلافات داخل فريق الادارة كانت مدمّرة. اختلفت الأولويات، وتعطّلت القرارات، وانخفضت الروح المعنوية، وفي النهاية، لم يفشل المشروع بسبب السوق، بل بسبب خلل داخلي في الشراكة.
الدرس: قبل أي شراكة، يجب أن يُطرح هذا السؤال: “هل أرغب في خوض الأزمات مع هذا الشخص؟” إذا لم تكن الإجابة “نعم وبقوة”، فالأفضل التراجع.
2. الإفلاس غالباً نتيجة فشل قيادي، وليس فشل سوقي
نعم، الأسواق تتغير. لكن معظم حالات الإفلاس التي شوهدت كانت نتيجة قرارات ضعيفة، وتأجيل مواجهات ضرورية، وتجاهل مؤشرات الخطر.
في إحدى التجارب، كانت الشركة تنمو سريعاً وتحظى باهتمام المستثمرين، لكن الفريق القيادي كان منقسماً، والقرارات تُتخذ بدافع الأنا لا البيانات. وعندما انهار كل شيء، بدت الظروف الخارجية كعذر، لكن الحقيقة أن الفشل كان ذاتياً.
منذ ذلك الحين، أصبحت أول خطوة في أي اجتماع قيادي هي: التأكد من التوافق التام بين أعضاء الفريق.
3. المشترون لا يشترون منتجات — بل يشترون أشخاصاً
النجاحات الكبرى في الخروج من الشركات لم تكن بسبب أفضل تقنية، بل لأن العلاقة مع الجهة المشترية بُنيت على الثقة، وتشابه الرؤية، وتوافق أسلوب التنفيذ.
في أحد أفضل حالات التخارج، قالت الجهة المستحوذة: “نريد العمل مع هذا الفريق”، لا لأن المنتج كان الأفضل، بل لأنهم لمسوا ثقافة واضحة، وثباتاً وظيفياً، وشفافية عالية.
الرسالة واضحة: الثقة أهم من الأرقام. فإذا لم يكن هناك إيمان بالفريق القيادي، فلن تتم الصفقة.
4. اتخاذ القرار مهارة يجب تدريبها باستمرار
ضعف اتخاذ القرار لا يظهر فجأة، بل يتراكم من تأجيلات متكررة وتفويض مفرط دون تأكد من التوافق الاستراتيجي.
في إحدى التجارب، أدّى تفويض قرارات مهمة إلى مدراء غير متوافقين مع رؤية الشركة إلى انحراف في التنفيذ، وتأخر الإطلاقات، وضياع التركيز، ما أدى إلى ركود الإيرادات.
الحل؟ أنظمة لاتخاذ القرار تتسم بالوضوح، والمساءلة، والمراجعة المستمرة. لا يمكن تفويض الحكم السليم، بل يجب تدريبه.
5. الخروج من الشركة ليس النهاية — بل مرآة لكل ما سبق
شروط التخارج تعكس كل ما تم القيام به بشكل صحيح أو خاطئ.
التخارج الناجح يتطلب:
-
أنظمة داخلية قوية
-
بيانات مالية متقنة
-
فريق قيادة موثوق
-
سمعة طيبة تسبقك
أما الفشل في التخارج فيحدث عندما:
-
يتم تجميع الأمور بسرعة قبل فتح “غرفة البيانات”
-
يشعر المشترون باليأس
-
لا يمكن شرح آلية عمل الشركة دون وجود المؤسس
وقد تكون التجربة الأقسى هي إدراك أن مشروعاً واعداً قد ضاع، فقط لأن الأساسيات لم تُبنَ مبكراً بما يكفي.
النصيحة الأهم لأي مؤسس:
استثمر في العلاقات قبل المزايا. ابنِ الثقة قبل التوسع. أصلح النموذج الداخلي قبل السعي وراء الأرباح.
المال يتبع الانسجام. المشترون يتبعون القيادة. الفرق تتبع الغاية. وإذا وُجدت هذه العناصر، فإن الإنجاز الكبير التالي قد يكون أقرب مما تتصور.