استحواذ “Prada” على “Versace”: صفقة قيمتها 1.4 مليار دولار
عودة “فيرساتشي” إلى الجذور الإيطالية
بعد أعوام من الانتقال بين أيدي الشركات العالمية، عادت دار “فيرساتشي” إلى موطنها الأصلي إيطاليا في صفقة ضخمة أثارت اهتمام عالم الموضة. فقد أعلنت دار الأزياء “برادا” عن استحواذها الكامل على “فيرساتشي” مقابل 1.25 مليار يورو (ما يعادل نحو 1.4 مليار دولار)، بعد توقيع اتفاق نهائي مع مجموعة “كابري هولدينغز” الأميركية المالكة السابقة.
تأسست “فيرساتشي” عام 1978 على يد المصمم الأسطوري جياني فيرساتشي، وقد برزت منذ بدايتها كعلامة ذات طابع جريء ومميز، تتحدى الحدود التقليدية للأزياء الفاخرة. وبعد اغتيال جياني عام 1997، انتقلت القيادة إلى شقيقته دوناتيلا، التي قادت العلامة لأكثر من عقدين من الزمن بحس إبداعي قوي وخط بصري أيقوني.
عودة “فيرساتشي” إلى الملكية الإيطالية لا تُعتبر مجرد صفقة اقتصادية، بل تحمل بُعدًا رمزيًا كبيرًا يعيد الاعتبار للهوية الإيطالية التي شكّلت جوهر العلامة منذ انطلاقتها.
تغييرات كبرى على الصعيد الإبداعي
واحدة من أبرز النقاط التي رافقت إعلان الاستحواذ هي التغيير غير المسبوق في القيادة الإبداعية. فقد أعلنت دوناتيلا فيرساتشي عن تنحيها من منصب المديرة الإبداعية، بعد نحو 30 عاماً من قيادة العلامة بأسلوبها الجريء والبراق، لتتولى دور “السفيرة العالمية للعلامة”.
هذا التغيير لم يكن مفاجئاً كلياً، لكنه بالتأكيد يمثّل نهاية حقبة وبداية مرحلة جديدة. خلفت دوناتيلا شخصية جديدة تمامًا على العلامة: داريو فيتالي، الذي أتى من دار “ميو ميو”، حيث شغل مناصب مرموقة مثل رئيس قسم تصميم الملابس الجاهزة ورئيس قسم الصورة. داريو هو أول مدير إبداعي لا ينتمي لعائلة فيرساتشي، ما يعكس رغبة “برادا” في ضخ دماء جديدة في العلامة وتحديث رؤيتها الإبداعية دون الانفصال عن تراثها العريق.
الرهان هنا ليس فقط على التغيير، بل على قدرة داريو على إعادة تفسير الجماليات الباروكية والرموز الجريئة لفيرساتشي بشكل يتماشى مع ذوق الجيل الجديد من عشاق الموضة.
استراتيجية برادا لمواجهة عمالقة السوق
هذه الصفقة لا تأتي في فراغ، بل تتناغم مع استراتيجية توسع مدروسة تنتهجها “برادا” لمنافسة عمالقة صناعة الأزياء الفاخرة، مثل “LVMH” الفرنسية و”Kering”. ومن خلال ضم علامة بحجم “فيرساتشي”، تُعزز “برادا” مكانتها كأحد أبرز اللاعبين في السوق، وتوسّع قاعدة عملائها لتشمل فئة جديدة من محبي الأزياء ذات الطابع الجريء.
أندريا جويرا، الرئيس التنفيذي لـ”برادا”، أشار في تصريحات إعلامية إلى أن “فيرساتشي” تحمل إمكانيات ضخمة يمكن تطويرها بشكل مثمر، خاصة في الأسواق العالمية التي لا تزال تحتضن ولاءً قويًا للعلامة.
الصفقة تعكس أيضاً اتجاهًا عالميًا متزايدًا نحو توحيد القوى داخل عالم الموضة، حيث تبحث الدور الكبرى عن تنويع حافظتها من العلامات لمواجهة تقلبات السوق وتحقيق نمو مستدام.
التحول القادم… ماذا بعد؟
من المتوقع أن تُستكمل إجراءات الاستحواذ بالكامل خلال النصف الثاني من عام 2025، بعد الحصول على الموافقات القانونية والتنظيمية اللازمة. وفي هذا الإطار، من المنتظر أن تشهد “فيرساتشي” سلسلة من التغييرات على مستوى الإدارة، التسويق، وحتى التصميم، في خطوة تهدف إلى إعادة تموضع العلامة دون فقدان هويتها.
“برادا” أعلنت التزامها بالحفاظ على الإرث الغني لـ”فيرساتشي”، لكنها في الوقت نفسه تهدف إلى تطوير العلامة من خلال استثمار مستمر في فرق العمل، التقنيات، والبنية التحتية، بما يعكس رؤية مستقبلية طويلة الأمد.
ختامًا: صفقة تحمل رمزية وأبعادًا تتجاوز الأرقام
قد تبدو صفقة استحواذ “برادا” على “فيرساتشي” في ظاهرها مجرد عملية تجارية، لكن في العمق، نحن أمام لحظة مفصلية في تاريخ الموضة الإيطالية. إنها عودة “فيرساتشي” إلى جذورها من جهة، وخطوة طموحة من “برادا” لتعزيز حضورها العالمي من جهة أخرى.
أما مستقبل “فيرساتشي” في ظل القيادة الجديدة، فيبقى موضع ترقّب وشغف، وسط توقعات بأن تحمل المرحلة المقبلة دمجاً فريداً بين الكلاسيكية الإيطالية والابتكار المعاصر، لتظل “فيرساتشي” اسمًا لامعًا على منصات الموضة العالمية، ولكن بنكهة جديدة تمامًا.
استحواذ “Prada” على “Versace”: صفقة قيمتها 1.4 مليار دولار
